هذا النبي الكريم الذي جعله الله تبارك وتعالى إماماً للناس تنقل من بلاد إلى بلاد؛ من
العراق في الجنوب إلى الشمال؛ شمال غرب
العراق أو ما بين
العراق وبلاد
الشام ، إلى أرض
فلسطين وإلى
مصر , وإلى
جزيرة العرب في
الحجاز.يمكن أن يكون التنقل أو الترحال لأي رجل يُؤرخ ويكتب عنه أمراً عادياً مألوفاً، ولا سيما إذا اتفق كل من يكتب عنه على أنه كان يرتحل من مكان إلى مكان، فالتنقل والترحال لا يثير أي مشكلة, وإذا اُتفق على أنه تنقل في أماكن عديدة متباعدة؛ فلا يبقى هنالك إشكال إذا تفردت إحدى المصادر بحديث عن هجرته أو رحلته إلى مكان آخر معقول وقريب, ولا يتنافى عقلاً ولا شرعاً مع التنقل في الأماكن الأخرى.هذه البساطة وهذا الموضوع العادي جعل منه أهل الكتاب والغربيون المستشرقون والمؤرخون وأمثالهم أمراً عجيباً، وحقيقة أن الباحث العلمي من أي دين أو من أي قومية يدهش وينذهل عندما يرى هذا العالم الغريب, والهالة الغريبة التي تقترن برحلات إبراهيم الخليل عليه السلام.عندما تريد أن تدخل في هذا الموضوع, وتريد أن تجمع الخيوط والأطراف والحقائق تدهش لهذا التخبط! عالم من التناقضات ومن التخبطات ومن التأويلات ومن التحريفات, يندهش الباحث العلمي عندما يجد فيما يقرره هؤلاء الذين يكتبون فقط بروح واحدة وبعامل واحد وبدافع واحد هو: إثبات الوراثة والخلافة, وحكرها وحصرها من إبراهيم الخليل في ذرية معينة, ونفي كل ما عدا ذلك؛ بل وصل -كما رأينا في اللقاءات الماضية- إلى أنه حتى لو نفي عن الخليل المآثر والفضائل العظيمة فلا يهمهم، الذي يهمهم هو هذه الحقيقة الواحدة, والتي تتجلى في مرات كثيرة, وفي كل لقاء تقريباً؛ لكن اليوم نجد تجليات أعجب وأعجب! كيف ذلك؟!